🏴 رحل الشيخ وبقي فكره وذكره الطاهر

🏴 رحل الشيخ وبقي فكره وذكره الطاهر
الكاتب :
حسن الثنيان أبوعلي

1🏴 (رحل الشيخ وبقي فكره وذكره الطاهر)

▪️ لو كان العلماء النجباء يغيبون لغاب أعلام الطائفة رحمهم الله.. إنها حقيقة الحياة والممات كما لا يدركها الناس.. حياة العلم، وموات الجهل..

سنوات قليلة، نمضي ونلقى الله، فمنا من يواريه النسيان مع آخر حثوة تراب تنهال على جسده، ومنا من يتردد اسمه مع كل ومضة نور تفيض بها مجالس الذكر الفائحة برياحين ذكر النبي وآله المحفوفة بملائكة السماء الموكّلة للدعاء للذاكر والمرشد والمعلم الناصح والباذل في سبيل الحق والساهر لرعاية أيتام آل محمد ..

▪️ يبتر الله ذكر شانئي النبي صلى الله عليه وآله وهم أحياء، ويصدح المؤذنون باسمه في كل لحظة وفي كل قطر في قارات الدنيا السبع، فمن تراه الحي، ومن ذاك الميت؟

▪️ وحيث غيب الموت جسد العلّامة الشيخ عباس المحروس، فذكره لا يغيب لارتباطه بالخالدين محمد وآله الطاهرين ، ومن تابع صفحات المواقع الالكترونية ولاحظ أعداد المثكولين برحيل الشيخ في مجالس الفاتحة والمترحمين والمودعين للشيخ في تشييعه، أو الداعين له عبر وسائل التواصل أو ما سوى ذلك، يدرك كم يبقى الذكر الحسن في العالمين ، إنه الذكر الثاني، ارتبط بالحسين عليه السلام فهو من المخلدين ذكراً ..

▪️ لو عادت بنا الذاكرة قليلاً وتصفحنا بعض الذكريات (السوداء للمجتمع) ولاحظنا من لاحقوه في محاكم النازيين الجدد أيام المرجع السيد الروحاني قدس الله نفسه الشريفة وفاتحة المرجع السيد الگلبیگانی قدس الله نفسه الشريفة و( حسينية السنان) هل يحظون اليوم بمثل ذكره الطيب، وتأثيره الممتد ؟

 ▪️ أولئك الذين لم يخجلهم ضعف جسد الحجة المقدس الخطي والحجة المقدس البيات ووهن عظمهما واستبداد المرض بهما أن يسعوا لإخراجهم من الحسينية بل والتعدي عليهما وشيخنا المحروس على منبر سيد الشهداء عليه السلام ، وجهال قومه يهتفون ( لا مرجعية للروحاني ) ويشتمون أعلام بلدهم وسادتهم وقادتهم بكل خسة اجتمعت في قلوب مريضة، وعقول مجهرية غافلة.

▪️ أتراهم أولئك الذين يستقوون بحبل من الناس، أي ناس، ولو كانوا جهلة ، بعمائم حركها الشيطان على علماء أجلاء اشتعل رأسهم شيباً وامتلأ قلبهم يقيناً بتوجهم الديني ، وشيخنا المحروس سار على نهج أولئك الأعلام، ولم تأخذه التيارات ولم يخف على نفسه بل خاف على مجتمع، فصدح من خلال منبره بصدق كلماته الجريئة، وقلة اكتراثه بالأقزام، واستغنائه عن الناس، وصدعه بما يعتقد صوابه دون خوف لومة لائم.. أتراهم أقدر على كبح جماح كلمات أطلقها الشيخ يؤمن بها أراد بها الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام وتحمل في سبيلها كل كلمات النقد والملاحقة ورصد آثم من قبل أناس ماتت ضمائرهم وخاصمتهم المروءة، فاستغنوا بالعلمانية والحزبية عن الفكر الديني الأصيل، حتى في آخر حياته وهو نحيل الجسم، خائر الجسد، قادر على تفزيع الخشب المسندة، وإرعاد الفرائص؛ أمثولة على غلبة قوة القلب قبضات الجبناء.

لا أتكلم الآن عن مآثر الشيخ العلمية وجلده في طلب العلم، وبذله حياته في سبيل العلم وتعليم الناس الخير، وتميزه على منبره وغيره، فثمة مئات من طلابه وأحبابه القريبين هم أولى مني بذكر مناقب الشيخ الجليل، لا بل من العلماء الكبار الأجدر على تقدير القيم والقامات، لكن لا أقل من تذكُّرِ النبل والتفاني والشجاعة في شخص هذا الرجل العظيم في إيصال العقائد الحقة لمجتمعه القطيفي .

▪️ الذين سلقوا الشيخ العلامة بكلمات حداد على موقفه لنصرة الزهراء عليها السلام ضد ( اللبناني وغيره) وقالوا فيه الكثير، واتهموه بكل مسيء، واليوم وبعد رحيله تبيّن للجميع أثر مواقفه، وبُعد نظره وقوة منطقه، ورؤيته حول المستحقين ممن خالف المرجعية وسار مع موجة التحزب المريض لأهداف أصبح الآن يعرفها الجميع وقد إنعكست حزناً وكمداً على المجتمع بأكمله وتجسدت خلال مجالس الفاتحة بكاءاً قل نظيره.

▪️ حينما برز فكر ( الغزي ) و ( الگاطع ) و ( الحيدري ) لم يتردد رحمه الله من الرد عليهم من خلال منبره بحيث ابرز نقاط ضعف توجهاتهم ورسّخ الفكر الحق من خلال عرض الروايات الصحيحة والصريحة ،ولم يتردد في موقفه ،ولم يمنعه ضعف بدنه ولا مرضه أن يدافع عن العقائد الحقة، ويصد الهجمة المسعورة التي كانت ضد المراجع والمذهب والتي شنها جماعة ( الگواطع والغزي والحيدري ) على مراجع الشيعة وعقائدهم

إنه السعي للحق الذي لا يعرف التحزب، وأدب الاختلاف الذي لا يلتفت لحظوظ النفس، وهو الفيض الكريم من خلال البيانات المنبرية والتصريحات الجريئة في جلساته المختلفة ، ونمت جميعها عن قلب تسكن فيه قضية أهل البيت عليهم السلام يحملها في كل مقام ومكان..

▪️ ويمضي الشيخ رحمه الله في طريقه يلمزه أدعياء الدين ، ويتجاوزون عليه، ويتعدون قدرهم، ويتجاسرون على الكبار، لكنه خبرهم، وأدرك حقائقهم، ومعركته الفكرية لم تكن معهم لذاته وشخصه، لا يلتفت لخصم أو عدو في طريقه الذي اختطه لنفسه، فهو رحمه الله يدرك أن الخبال لا يصنع التاريخ، ولا أنصاف المثقفين بوسعهم هذا، فيترفع عن كل ذلك، ويكون كما كان السلف الصالح من علماء الطائفة.

▪️ وبهذا أصبح رحمه الله قدوة لمن يريد أن يعمل لدينه ومذهب وينصر أهل بيت نبيه ، فلا يحق لأي شخص أن يخاف على مقامه وشخصيته ومكتسباته بعد هذه التجربة التي خاضها الشيخ وخرج منها بشخصية بكتها الجموع على مختلف توجهاتهم وأقرت له بكسبها ومكتسباتها وبمقامها العالي ،، نعم هو خط هدياً واشعل نوراً وعبد طريقاً لمن يريد الخلود والبقاء

🏴 رحم الله فقيد العلم والتقى ، وأخلف علينا من حفاظ الشرع والشريعة، وشموع الطريق للحق، ودلائل الخير  

نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة