فقدتُ أباً مربياً وأخاً موجهاً

فقدتُ أباً مربياً وأخاً موجهاً
الكاتب :
الشيخ حسن المرزوق

🌑فقدتُ أباً مربياً وأخاً موجهاً🌑
لعل اللسان يعجز عن البيان والمداد يجف عن الإتمام وماهي إلا سطور أردت بيانها وماعساني أن أقول وهي علاقة امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً.
عرفت سماحة الشيخ الراحل متواضعاً مع جميع طبقات المجتمع فتراه يتعايش مع الناشئة بكل بساطة يحاور الأطفال ويتداخل مع الشباب وله أنس بمجالسة كبار السن وتراه في كمال التأدب في محضر المراجع والفقهاء والفضلاء.
بداية علاقتي به رحمه الله كانت عن طريق سؤال وجهته له في مسجده العامر بمختلف طبقات المجتمع وهو(هل يجوز لي أن أقوم بنسخ المسائل المنتخبة؟) وذلك عندما قرأت جملةً في الكتاب وهي أن حقوق الطبع محفوظة.
كان هذا في شهر رمضان من عام١٤١٠هـ تقريباً وكانت لي رغبة في اقتناء المسائل الشرعية لسيد الطائفة الخوئي قده.
كان جوابه حسب ما أتذكر أن هذا مجرد نسخ شخصي لا طباعة بعنوان البيع والتوزيع واعطاني وعداً بإعداد نسخة لي وفعلاً جئته في الموعد المحدد وأعطاني كتاب المسائل المنتخبة مكتوباً عليها إهداء بقلمه المبارك.
وابتدأت بعد ذلك بفترةٍ وجيزة بدراسة هذا الكتاب الجليل ولازلت أحتفظ بأغلى هدية قدمها لي شيخنا الراحل.
شيخ عظيم وخطيب كبير كان يتنزل في التعامل معنا نحن الناشئة بحوار أو فكاهة أو تعليق وماكان يتصنع الحواجز والفوارق بيننا.
وامتدت هذه العلاقة حتى سلكت مسلك أهل العلم وتفرغت للتحصيل والدراسة العلمية وكانت هذه العلاقة في تطور وكثرت بيننا المسائل العلمية وبالأخص في الفقه والأصول وكان ذلك في سفر أو حضر فما رأيت منه إلا استحضاراً للمطالب العلمية والمباني الأصولية والفروع الفقهية بأدلتها ومبانيها ورواياتها.
ولازال شيخي الأستاذ يفيض عليَّ بفوائده وتوجيهاته وكان منه التشجيع لي بارتقاء المنبر الشريف في مسجده العامر أو منزله المحفوف بذكر أهل البيت عليهم السلام أو في غير ذلك.
وامتدت هذه العلاقة فمذ كنت صبياً حتى بلغت مبلغ الرجال وسلكت مسلك أهل العلم حتى أحرزت نصف ديني وقُرتْ عيني بذريتي وكان الشيخ هو هو لم يتغير إذا لم يرني سأل عني وإذا رآني سألني عن الجميع فرداً فرداً.
وما أريد تلخيصه في كلمات:
١- سمة التواضع التي كان يمتاز بها مع الجميع.
٢- التربية والتوجيه والإرشاد.
٣- حبه لنشر العلم والمعرفة وترسيخ العقائد الحقة وشعائر الولاء لآل محمد عليهم السلام.
رحمك الله أيها الأستاذ المربي، نعم بالأمس كنا نرفع أكفنا في التضرع لك بالشفاء والصحة واليوم نرفع أكفنا بالترحم عليك. وأنت لاخوف عليك بل أنت مع الزهراء التي كنت تدافع عن ظلامتها وأنت مع الحسين إذ كنت تحي ذكره دوماً وأبداً ولا نملك من الأمر إلا قول إنا لله وإنا إليه راجعون….
١٤٤٣/٤/٢٤هـ-الثلاثاء…
ولدك وأخوك وتلميذك المثكول بفقدك: أبوعلي المرزوق…

نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة